# معطر برائحة البنزين من كيا: استراتيجية مبتكرة للتخفيف من "أعراض انسحاب الوقود" في عصر السيارات الكهربائية
## مقدمة: رائحة النوستالجيا في مقصورة المستقبل
في الوقت الذي يتسابق
فيه العالم نحو مستقبل مستدام، تهيمن فيه المركبات الكهربائية (EVs) الصامتة والنظيفة على الطرق، تبرز
تحديات غير تقنية تواجه الشركات المصنعة: التحدي العاطفي والحسي. يشكل الانتقال من
محركات الاحتراق الداخلي (ICE) إلى الطاقة الكهربائية نقلة نوعية تتجاوز مجرد نوع الوقود،
لتلامس الجوانب الحسية التي اعتاد عليها السائقون لعقود.
![]() |
| # معطر برائحة البنزين من كيا: استراتيجية مبتكرة للتخفيف من "أعراض انسحاب الوقود" |
- في خطوة تسويقية مبتكرة وغير مسبوقة، أعلنت شركة **كيا الكورية الجنوبية** عن إطلاق منتج
- يثير الدهشة والاستغراب في آن واحد: **معطر هواء برائحة البنزين**، مصمم خصيصًا لمالكي
- سيارتها الكهربائية الجديدة **كيا EV4**. هذه المبادرة، التي انطلقت ضمن حملة ترويجية ذكية في
- فنلندا، لا تهدف فقط إلى تسويق سيارة جديدة، بل إلى معالجة ظاهرة نفسية بسيطة ومعقدة في نفس
- الوقت: **أعراض انسحاب الوقود** التي يعاني منها عشاق القيادة التقليدية.
فهل يمكن لرائحة
كلاسيكية ومألوفة أن تسد الفجوة بين الماضي الميكانيكي والمستقبل الصامت؟ هذا
التحليل يستعرض القصة الكاملة وراء هذا المعطر، ويكشف الأبعاد التسويقية والنفسية
لخطوة كيا الجريئة.
## القصة الكاملة معطر "رائحة الذكريات" للجيل الجديد
لطالما ارتبطت رائحة البنزين، أو ما يُعرف محلياً برائحة الوقود، بذكريات القيادة، الرحلات الطويلة،
وحتى إثارة محركات الأداء العالي. بالنسبة للكثيرين، لا يمثل البنزين مجرد مادة
قابلة للاشتعال، بل هو جزء أصيل من "هوية السائق" و"روح السيارة".
- مع تحول هؤلاء السائقين نحو السيارات الكهربائية، ورغم استمتاعهم بالهدوء والتسارع الفوري
- والكفاءة البيئية، إلا أنهم غالبًا ما يفتقدون الطقوس الحسية المرتبطة بالقيادة التقليدية؛ ويأتي في
- مقدمتها الصوت المثير للمحرك ورائحة الوقود المميزة.
### كيا EV4 ونظام التعليق العاطفي
المعطر الجديد من كيا،
المصمم على شكل عبوة وقود مصغرة يمكن تعليقها داخل مقصورة **كيا EV4**، يستهدف هذا الشريحة بالتحديد: سائقي الجيل القديم الذين يعتنقون
التكنولوجيا الجديدة ولكنهم متمسكون ببعض جوانب الماضي.
- أكدت كيا أن الهدف الأساسي من هذه الفكرة ليس مجرد جذب الانتباه، بل هو **"إضفاء لمسة من
- المتعة والذكريات"** على عملية الانتقال نحو القيادة الصديقة للبيئة. هذا المنتج يعمل بمثابة "جسر
- عاطفي" لمساعدة السائقين في التغلب على الشعور بالفراغ الحسي الناتج عن غياب الروائح
- الميكانيكية المألوفة.
### تفاصيل الحملة في فنلندا
اختيار فنلندا لإطلاق
الحملة كان استراتيجياً. فالدول الاسكندنافية تشهد تحولاً سريعاً وكبيراً نحو
المركبات الكهربائية، مما يعني أن عدد السائقين الذين قاموا بالتبديل حديثاً وربما
يشعرون بالحنين للماضي الميكانيكي كبير نسبياً.
## سد الفجوة الحسية لماذا يشتاق السائقون لرائحة الوقود؟
تعتبر حاسة الشم أقوى
الحواس المرتبطة بالذاكرة والعواطف البشرية. فعندما يستنشق شخص رائحة معينة، يمكن
أن تستدعي على الفور ذكريات ومشاعر مرتبطة بتلك الرائحة (ظاهرة تُعرف باسم تأثير "بروست").
في سياق السيارات، تشكل الروائح القوية جزءًا لا يتجزأ من تجربة القيادة.
- الافتقاد لرائحة البنزين في السيارات الكهربائية يُصنّف أحياناً ضمن مفهوم **"الحرمان الحسي"**
- أو **"أعراض الانسحاب الحسي"**. هذه الأعراض ليست طبية بالمعنى الدقيق، بل هي مرتبطة
- بالشعور بفقدان عنصر مألوف ومحبوب.
### العناصر المفقودة في السيارات الكهربائية
1. **النوستالجيا والارتباط العاطفي:** رائحة البنزين مرتبطة برحلات
الطفولة، أو السيارة الأولى، أو سباقات السرعة. هي رائحة تدل على القوة والطاقة.
2. **التأكيد على هوية السائق:** في محركات ICE،
كانت الرائحة والصوت والاهتزازات تؤكد للسائق أن "الآلة تعمل". في
السيارات الكهربائية، هذا التأكيد المادي غائب تقريبًا.
3. **العنصر الكيميائي:** تثير بعض المركبات الكيميائية الموجودة في
البنزين (مثل البنزين والتولوين) استجابة دماغية تجعلها ممتعة للبعض، رغم مخاطرها
الصحية.
لذلك، لم تبتكر كيا مجرد معطر، بل قدمت منتجاً يعزز **الرفاهية العاطفية** للسائق أثناء مرحلة التأقلم مع التكنولوجيا الجديدة. هي رسالة مفادها: "نحن نتفهم شغفك القديم، وسنأخذه معنا إلى المستقبل".
## استراتيجية كيا التسويقية المزج بين الحداثة والنوستالجيا
تعد هذه الخطوة مثالاً
صارخاً على التسويق العاطفي الذكي (Emotional
Marketing). في سوق المركبات الكهربائية المزدحم، حيث
تتشابه المواصفات الأساسية (المدى، السرعة، الشحن)، يصبح التميز مرهونًا بالقدرة
على خلق اتصال عاطفي فريد مع المستهلك.
### ثلاث ركائز للاستراتيجية
1. **الاعتراف بالحنين:** بدلًا من تجاهل ما يفتقده السائقون في
السيارات الكهربائية، اعترفت كيا بوجود هذا الشوق واستغلته كفرصة للابتكار. هذا
يظهر تعاطف الشركة مع عملائها التقليديين.
2. **الاستفزاز والضجة الإعلامية:** منتج "معطر برائحة البنزين
لسيارة كهربائية" هو مفهوم متناقض بشكل متعمد، مما يضمن توليد ضجة إعلامية
مجانية واسعة النطاق (Viral
Marketing). وقد نجحت كيا في تحقيق ذلك، حيث انتشر الخبر
سريعاً في وسائل الإعلام المتخصصة والعامة.
3. **ترسيخ هوية القيادة:** المعطر يحمل رسالة رمزية قوية: **التحول
نحو السيارات الكهربائية لا يعني التخلي عن روح القيادة القديمة.** يمكن الجمع بين
كفاءة المستقبل (EV4) وذكريات الماضي (الرائحة) في تجربة واحدة متكاملة.
هذه الاستراتيجية تضع
كيا في مصاف الشركات التي تفهم أن عملية شراء سيارة هي قرار عاطفي بقدر ما هو قرار
منطقي.
## فن العطور في خدمة السيارات تركيبة "ماكس بيرتولا" المتخصصة
لضمان أن تكون الرائحة
واقعية ومقنعة قدر الإمكان، لم تعتمد كيا على أي رائحة اصطناعية عادية. بل استعانت
بخبرة خبير العطور الفنلندي الشهير، **ماكس بيرتولا**.
بيرتولا، المعروف
بإبداعاته المعقدة، قام بتصميم تركيبة عطرية تجمع بين المكونات التي تستحضر
الأجواء الميكانيكية والبيئية المحيطة بالمركبات التقليدية.
### مكونات الرائحة الواقعية
* **زيوت المحركات المعدنية (Mineral Motor Oils):** لتوفير الأساس
الصناعي الثقيل والمألوف الذي يذكر بالآلات.
* **القطران الخشبي
(Wood Tar):** لإضافة عمق مدخن وشرقي، يذكر بالحرارة
والاحتراق.
* **الياسمين (Jasmine):**
تم إضافة الياسمين بشكل مفاجئ لتخفيف حدة الروائح
الميكانيكية وإضفاء لمسة من الانتعاش، ولربط الرائحة بالروائح المعتادة في معطرات
السيارات، مما يجعلها مقبولة للاستنشاق داخل المقصورة.
* **مركبات كيميائية مشابهة للبنزين:** أكدت كيا أن المعطر يحتوي
على مركبات تحاكي كيميائياً الرائحة الأساسية للبنزين، مما يضمن طابعاً واقعياً
قريباً من الرائحة الأصلية دون المخاطر الصحية.
هذا المزيج الدقيق يضمن أن المعطر لا يقدم رائحة "كيميائية صناعية" فحسب، بل تجربة حسية عميقة تعيد إحياء ذكريات محطات الوقود والورش الميكانيكية.
## التحديات المستقبلية والبعد الحسي في السيارات الكهربائية
لا تُعد مبادرة كيا
معزولة في مجال معالجة الأبعاد الحسية للسيارات الكهربائية. فالشركات الأخرى تعمل
على مجالات مماثلة:
1. **الصوت (Sound
Engineering):** شركات مثل بورش وفورد تستخدم مهندسي صوت
لتركيب "أصوات محركات" صناعية داخل المقصورة لتعزيز الإثارة وإعطاء
السائق تغذية راجعة حول سرعة السيارة وأدائها، خصوصًا وأن السيارات الكهربائية
هادئة جدًا.
2. **الاهتزاز والتغذية الراجعة (Haptic Feedback):** يتم العمل على دمج
اهتزازات خفيفة في مقود القيادة أو دواسة التسارع لمحاكاة الشعور الميكانيكي
للمحرك أثناء التسارع.
مبادرة معطر برائحة
البنزين تثبت أن المستقبل ليس مجرد مسألة بطاريات وبرمجيات؛ بل هو أيضًا مسألة **تجربة
قيادة شاملة** تلامس كافة حواس الإنسان.
## الخلاصة رائحة الماضي تقود المستقبل
تُقدم كيا، من خلال
معطر برائحة البنزين لسيارتها **EV4**، نموذجاً مثالياً لكيفية استخدام
النوستالجيا كأداة تسويقية فعالة في عملية التحول التكنولوجي. لم تبيع كيا مجرد
معطر، بل باعت وعدًا بأن التكنولوجيا لا يجب أن تمحو الذكريات أو الشغف القديم.
فى الختام
هذا المنتج الرمزي يؤكد
أن التحول إلى **المركبات الكهربائية** يمكن أن يكون عملية سلسة وممتعة، لا تتطلب
تضحية بالشغف. فبمجرد أن يشم السائق رائحة زيوت المحرك والقطران داخل سيارته
الكهربائية الصديقة للبيئة، يتذكر فورًا "روح القيادة" التقليدية، مما
يعزز ولاءه للعلامة التجارية التي تفهم احتياجاته العاطفية والحسية في آن واحد.
![]() |
| # معطر برائحة البنزين من كيا: استراتيجية مبتكرة للتخفيف من "أعراض انسحاب الوقود" |

